ا
فكل إنسان يرى نفسه نسخة فريدة في سجل البشرية عبر القرون، فَهِم ما لم يفهم غيره، وصنع
ما لم يصنع غيره، ولا أدري أهي فطرة في النفوس أم أنها صناعة الحياة بكل نفس وثمار تربيتها..
.و.كثيرون من يعتبرون أنفسهم نوابغ في مدرسة الحياة،
الحياة، لفظ غريب احتار فيه البشر كلٌ يفسره بالمعنى الذي فَهِم من تجاربها فشكلت شخصيته
فالمتفائلون يرونها نزهة بلا ألم فيسقطون من أعلى القمم وفي منتصف الطريق يبتسمون لأنهم لم يصابوا بعد
والمتشائمون يرونها صفحات في كتاب كئيب خالٍ من كل أمل فلا تقع أعينهم إلا على كل قبيح ومكروه
المترفون يرونها مزيد من المتع
والبؤساء يرونها رحلة لن يجنون منها سوى المزيد من الإخفاق والتعب
المفكرون يرونها مدرسة لا نظامية يموت المرء وهو لا يزال طالبا بإحدى فصولها
والمغرورون يرونها شمعة بدايتها نور ونهايتها ظلام دامس
الأغنياء يرونها موعد مع سلطان المال على العباد
والفقراء يرونها فسحة لا مكان لهم فيها
الأدباء يرونها مسرحا يؤدي فيه كل واحد دوره وما أن ينتهي يبدأ دور غيره
والمتدينون بكل عقائدهم يرونها سلب إرادة البشر لتحقيق إرادة الله في خلقه لهم
شيء عجيب هذا التباين، أيعجز البشر عن الاجتماع على تعريف الحياة، الكل يحصد ما مر به فيصوغ
الحياة بمعاني ما تعلم منها أو أدرك عنها، إلا أن هناك نقطة التقى عندها الجميع في نظرتهم، فرأوها
رحلة بين مدينتين مجهولة المسافات الكل يجني من محطاتها بقدر ما يحتاج لما بقي منها، كلُ وفق
ظروف معيشته وثمار تربيته، وهنا يظهر التباين والاختلاف، اختلاف قد يغير سنن الناس في الحياة،
فيطمع كثير المال ويتعفف الفقير المعدم، ويبطش من لا سلطان له ويعفو ذا الجاه والسلطان، فالتباين
بقدر ما ينال المرء من حاجات بكل مرحلة فيها
وبقدر ما تترك الأحداث تأثيرها في نفسه، فيتعلم من كل ما يراه أو يسمعه أو حتى يجول بخاطره
وبقدر ما ينظر من نافذة الأمل لتفتح له آفاق واسعة تتجاوز الواقع الضيق
وبقدر ما يحمل من ثقة فيما يعتقد ويؤمن فتبقى نفسه حية بتلك الثقة
وبقدر ما يحمل من قدرة على صنع الأحداث لا مشاهدتها
وبقدر ما يحمل من ذكريات تبقى بداخله حية تشكل شيئا من ملامح مستقبله رغم تكرار الأحداث والآلام
وربما رغم تشابه النهايات
وبقدر ما يحوي بين جناحية من رفق ورحمة بمن يعامله وما يحيطه
من هنا يأتي التباين، فمن الناس من يرى في نهاية كل موقف بداية لمرحلة جديدة، ومن يرى في كل إخفاق
خطوة للنجاح، ومن يرى في كل محنة بداية لمنحة، وبمقابل هؤلاء من تنتهي بهم تلك الرحلة أمام أول إخفاق
أو محنة يمرون بها، تطوى صفحات أيامهم لأمر عارض أو هدف لا قيمة له جهلوا الوصول إليه، وربما
لمعنى لم يحسنوا فهمه، فما أعجبها من رحلة تبدأ أحداثها مع أول نفس بالحياة ليستمر بالإنسان السير في
طريق غامض بين أحداث الحياة وتقلبات الأيام، آلام وأمال، محن ومنح، ابتسامات وآهات، دموع وحسرات،
قصص ومواقف، تناقضات وتوافقات، إخفاقات ونجاحات، سلام وحروب، رخاء وشدائد ، جدّ واجتهاد
واتكالية وكساد........
والكل في نهاية المطاف سيجلس للحساب، طريق طويل وسفر شاق، فيا لهناء من سعد بتلك الرحلة،
من أيقن منذ بدايتها أن يوما ستنتهي أحداثها........
الحياة، ما أعجبها من كلمة لو رددتها ألف مرة لوجدت لها في كل مرة معنى جديد وقيمة جديدة
ربما تدركها لأول مرة
الحياة سر يحوط بنا فنعيش على أمل أن نكشف خباياه ، فتجده في كل من يحوطك بل وما يحوطك،
فهي للطائر فضاء فسيح يرفرف فيه، وللشمس ليل كئيب ينتظر نورها تبدده، وللأرض ذرات ماء تبعث
فيها الروح من جديد، وهكذا هي بمعنى جديد لكل ما يحوط بنا
الحياة روح وهبها الخالق لكل ما خلق، فتعامل معها كلُ بما يروق له، فالخلق في جهد وعناء يسيطر عليهم
وهم زائف بالبقاء، وكأن الأبدية موجودة في قلب كل إنسان
أتدري ما الحياة، ستعلم معناها حين تفطن قيمتها وتعلم الغاية منها، وترسم لنفسك خطوات الرحلة في كل
مراحلها وإن لم تخطو فيها الكثير، بل وإن لم يبق فيها سوى ساعات معدودة
سُئل أحد المشاهير عما كان يتمنى قبل أن يصبح نجمه لامعا؟
فأجاب قائلا: ليتني وجدت من حذرني أني حينما أصل إلى القمة لن أجد شيئا هناك.
أتدري لما؟ لأنه ضيع معظم رحلته في تحقيق أهداف بلا قيمة
أتدري ما الحياة، إنها سباق مع مدة الرحلة تكابد طول الطريق لتحقيق المزيد من الغايات وقد تدرك منها
الكثير وتعلم في النهاية أنك أدركت ما لا يستحق السعي من أجله، بل ربما إن أعرضت عنه جاءك مرغما
وقف الملك يلقن من حوله درسا عن الحياة فنادى فارسا من فرسانه وقال له : ما أدركت من ملكي بخيلك فهو لك
لم يصدق الفارس هذا العرض لذا لم يعط نفسه الفرصة للتفكير في استغلاله، وكم من الفرص التي تضيع هباء
لأن العقول تعمى أحيانا عن التأني والتفكير
انطلق الفارس مسرعا عله أن ينال ملكا لم يتعب من أجله، وكلما شعر بالتعب زاد شوقه إلى إدراك غايته
فيتحامل على نفسه لمزيد من الملك ينتظره تحت أقدام فرسه ، واتسعت دولته الواهية وترامت أطرافها حتى
أصابه من الجهد ما لم يقوى على تحمله فإذا به طريحا على الأرض من شدة الإعياء والتحامل على نفسه
ليجد نفسه يلفظ آخر أنفاسه وهو ينظر إلى ما أدرك من الملك فيترك هذه المساحات الشاسعة ليملك قطعة
صغيرة منها تأوي جسده بعدما لفظ آخر أنفاسه، فرحل الفارس وهو يبحث عن وهم زائف وبقي الملك وملكه
أتدري ما الحياة، آلام وآمال، صعوبات ومشاق ، أماني وأحلام، تمر بنا الابتلاءات فتصنع من واحد شيئا ومن
الآخر نقيضه، رغم أنها نفس المشاق
وقف الأب يلقن ابنته درسا علها أن تفهم منه معنى الحياة، فأحضر ثلاثة أوان بها ماء مغلي ووضع بالأول
وبالثاني بيضة وبالثالث ملعقة قهوة، وأمهلهم على النار قليلا، وابنته لا تملك سوى المشاهدة علها أن تدرك
شيئا يختزل لها طريق الحياة ،بعد دقائق أراها نتيجة ما صنع، أتدري ماذا كانت النتيجة
أما الجزر الصلب حينما وضع في الماء المغلي غدا رخو هش
وأما البيضة فلم يحل جدارها الصلب من أن يتجمد قلبها السائل
وأما القهوة فلم تغير نكهتها فقط وإنما غيرت المحيط الذي خالطته فغيرت طعم الماء وشكله
فالماء المغلي هو عقبات الحياة التي تمر بنا في رحلتنا، فمنا من تفقده صلابته ويصبح بلا قيمة، ومنا من تزيد
من قوة تحمله وصلابته فيستوي ظاهره بباطنه، ومنا من يفرض نفسه على واقع الحياة فيصنع من الآلام آمال
ومن المحن منح ولا يتعجل قطف الثمار، فالماء المغلي واحد لكن النهايات اختلفت....
أتدري ما الحياة، إنها قصة جميلة تتشابك أحداثها كلما اتسعت العلاقة بين أبطالها وفي ذروة الأحداث يضع كل
واحد من أبطالها نفسه على طريق مستقل يمضي فيه بحثا عن غاية ينشدها وقبل أن تنتهي أحداثها يجتمع أبطالها
ليلقي كلٌ بما في جعبته ، ماذا حقق وماذا بقي ، ثم تنتهي أحداثها بفوز من أدرك غايته وخسارة من ضل سعيه
وخسرت تجارته
أتدري ما الحياة، إنها معني في آية من القرآن [اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ
فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ
شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الغُرُورِ] {الحديد:20}
ومعني في حديث نبوي « كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ » (البخاري)
لعلك الآن عرفت معنى الحياة
إنها هدف تنشده وعمل تنجزه ورسالة تحملها ومعنى تسعى لإدراكه
إنها حلم جميل وواقع بحاجة إلى المكابدة
إنها ماض ورث الخبرات وحاضر عايش الأحداث ومستقبل رسمت ملامحه الأهداف
إنها أمل يشق طريقه بين الصعاب
هكذا أرى الحياة وقد تتفق معي فيما كتبت وقد تأتي بمعنى غاب عني، فرجائي من كل مَن مرَّ برحالي
وقرأ ما خطته يداي أن يترك لي معنى الحياة عنده...
سالت نفسك من قبل عن معني الحياة؟؟
سالت نفسك من قبل عن معني الحياة؟؟ فكل إنسان يرى نفسه نسخة فريدة في سجل البشرية عبر القرون، فَهِم ما لم يفهم غيره، وصنع ما لم يصنع ... |
سالت نفسك من قبل عن معني الحياة؟؟
فكل إنسان يرى نفسه نسخة فريدة في سجل البشرية عبر القرون، فَهِم ما لم يفهم غيره، وصنع
ما لم يصنع غيره، ولا أدري أهي فطرة في النفوس أم أنها صناعة الحياة بكل نفس وثمار تربيتها..
.و.كثيرون من يعتبرون أنفسهم نوابغ في مدرسة الحياة،
الحياة، لفظ غريب احتار فيه البشر كلٌ يفسره بالمعنى الذي فَهِم من تجاربها فشكلت شخصيته
فالمتفائلون يرونها نزهة بلا ألم فيسقطون من أعلى القمم وفي منتصف الطريق يبتسمون لأنهم لم يصابوا بعد
والمتشائمون يرونها صفحات في كتاب كئيب خالٍ من كل أمل فلا تقع أعينهم إلا على كل قبيح ومكروه
المترفون يرونها مزيد من المتع
والبؤساء يرونها رحلة لن يجنون منها سوى المزيد من الإخفاق والتعب
المفكرون يرونها مدرسة لا نظامية يموت المرء وهو لا يزال طالبا بإحدى فصولها
والمغرورون يرونها شمعة بدايتها نور ونهايتها ظلام دامس
الأغنياء يرونها موعد مع سلطان المال على العباد
والفقراء يرونها فسحة لا مكان لهم فيها
الأدباء يرونها مسرحا يؤدي فيه كل واحد دوره وما أن ينتهي يبدأ دور غيره
والمتدينون بكل عقائدهم يرونها سلب إرادة البشر لتحقيق إرادة الله في خلقه لهم
شيء عجيب هذا التباين، أيعجز البشر عن الاجتماع على تعريف الحياة، الكل يحصد ما مر به فيصوغ
الحياة بمعاني ما تعلم منها أو أدرك عنها، إلا أن هناك نقطة التقى عندها الجميع في نظرتهم، فرأوها
رحلة بين مدينتين مجهولة المسافات الكل يجني من محطاتها بقدر ما يحتاج لما بقي منها، كلُ وفق
ظروف معيشته وثمار تربيته، وهنا يظهر التباين والاختلاف، اختلاف قد يغير سنن الناس في الحياة،
فيطمع كثير المال ويتعفف الفقير المعدم، ويبطش من لا سلطان له ويعفو ذا الجاه والسلطان، فالتباين
بقدر ما ينال المرء من حاجات بكل مرحلة فيها
وبقدر ما تترك الأحداث تأثيرها في نفسه، فيتعلم من كل ما يراه أو يسمعه أو حتى يجول بخاطره
وبقدر ما ينظر من نافذة الأمل لتفتح له آفاق واسعة تتجاوز الواقع الضيق
وبقدر ما يحمل من ثقة فيما يعتقد ويؤمن فتبقى نفسه حية بتلك الثقة
وبقدر ما يحمل من قدرة على صنع الأحداث لا مشاهدتها
وبقدر ما يحمل من ذكريات تبقى بداخله حية تشكل شيئا من ملامح مستقبله رغم تكرار الأحداث والآلام
وربما رغم تشابه النهايات
وبقدر ما يحوي بين جناحية من رفق ورحمة بمن يعامله وما يحيطه
من هنا يأتي التباين، فمن الناس من يرى في نهاية كل موقف بداية لمرحلة جديدة، ومن يرى في كل إخفاق
خطوة للنجاح، ومن يرى في كل محنة بداية لمنحة، وبمقابل هؤلاء من تنتهي بهم تلك الرحلة أمام أول إخفاق
أو محنة يمرون بها، تطوى صفحات أيامهم لأمر عارض أو هدف لا قيمة له جهلوا الوصول إليه، وربما
لمعنى لم يحسنوا فهمه، فما أعجبها من رحلة تبدأ أحداثها مع أول نفس بالحياة ليستمر بالإنسان السير في
طريق غامض بين أحداث الحياة وتقلبات الأيام، آلام وأمال، محن ومنح، ابتسامات وآهات، دموع وحسرات،
قصص ومواقف، تناقضات وتوافقات، إخفاقات ونجاحات، سلام وحروب، رخاء وشدائد ، جدّ واجتهاد
واتكالية وكساد........
والكل في نهاية المطاف سيجلس للحساب، طريق طويل وسفر شاق، فيا لهناء من سعد بتلك الرحلة،
من أيقن منذ بدايتها أن يوما ستنتهي أحداثها........
الحياة، ما أعجبها من كلمة لو رددتها ألف مرة لوجدت لها في كل مرة معنى جديد وقيمة جديدة
ربما تدركها لأول مرة
الحياة سر يحوط بنا فنعيش على أمل أن نكشف خباياه ، فتجده في كل من يحوطك بل وما يحوطك،
فهي للطائر فضاء فسيح يرفرف فيه، وللشمس ليل كئيب ينتظر نورها تبدده، وللأرض ذرات ماء تبعث
فيها الروح من جديد، وهكذا هي بمعنى جديد لكل ما يحوط بنا
الحياة روح وهبها الخالق لكل ما خلق، فتعامل معها كلُ بما يروق له، فالخلق في جهد وعناء يسيطر عليهم
وهم زائف بالبقاء، وكأن الأبدية موجودة في قلب كل إنسان
أتدري ما الحياة، ستعلم معناها حين تفطن قيمتها وتعلم الغاية منها، وترسم لنفسك خطوات الرحلة في كل
مراحلها وإن لم تخطو فيها الكثير، بل وإن لم يبق فيها سوى ساعات معدودة
سُئل أحد المشاهير عما كان يتمنى قبل أن يصبح نجمه لامعا؟
فأجاب قائلا: ليتني وجدت من حذرني أني حينما أصل إلى القمة لن أجد شيئا هناك.
أتدري لما؟ لأنه ضيع معظم رحلته في تحقيق أهداف بلا قيمة
أتدري ما الحياة، إنها سباق مع مدة الرحلة تكابد طول الطريق لتحقيق المزيد من الغايات وقد تدرك منها
الكثير وتعلم في النهاية أنك أدركت ما لا يستحق السعي من أجله، بل ربما إن أعرضت عنه جاءك مرغما
وقف الملك يلقن من حوله درسا عن الحياة فنادى فارسا من فرسانه وقال له : ما أدركت من ملكي بخيلك فهو لك
لم يصدق الفارس هذا العرض لذا لم يعط نفسه الفرصة للتفكير في استغلاله، وكم من الفرص التي تضيع هباء
لأن العقول تعمى أحيانا عن التأني والتفكير
انطلق الفارس مسرعا عله أن ينال ملكا لم يتعب من أجله، وكلما شعر بالتعب زاد شوقه إلى إدراك غايته
فيتحامل على نفسه لمزيد من الملك ينتظره تحت أقدام فرسه ، واتسعت دولته الواهية وترامت أطرافها حتى
أصابه من الجهد ما لم يقوى على تحمله فإذا به طريحا على الأرض من شدة الإعياء والتحامل على نفسه
ليجد نفسه يلفظ آخر أنفاسه وهو ينظر إلى ما أدرك من الملك فيترك هذه المساحات الشاسعة ليملك قطعة
صغيرة منها تأوي جسده بعدما لفظ آخر أنفاسه، فرحل الفارس وهو يبحث عن وهم زائف وبقي الملك وملكه
أتدري ما الحياة، آلام وآمال، صعوبات ومشاق ، أماني وأحلام، تمر بنا الابتلاءات فتصنع من واحد شيئا ومن
الآخر نقيضه، رغم أنها نفس المشاق
وقف الأب يلقن ابنته درسا علها أن تفهم منه معنى الحياة، فأحضر ثلاثة أوان بها ماء مغلي ووضع بالأول
وبالثاني بيضة وبالثالث ملعقة قهوة، وأمهلهم على النار قليلا، وابنته لا تملك سوى المشاهدة علها أن تدرك
شيئا يختزل لها طريق الحياة ،بعد دقائق أراها نتيجة ما صنع، أتدري ماذا كانت النتيجة
أما الجزر الصلب حينما وضع في الماء المغلي غدا رخو هش
وأما البيضة فلم يحل جدارها الصلب من أن يتجمد قلبها السائل
وأما القهوة فلم تغير نكهتها فقط وإنما غيرت المحيط الذي خالطته فغيرت طعم الماء وشكله
فالماء المغلي هو عقبات الحياة التي تمر بنا في رحلتنا، فمنا من تفقده صلابته ويصبح بلا قيمة، ومنا من تزيد
من قوة تحمله وصلابته فيستوي ظاهره بباطنه، ومنا من يفرض نفسه على واقع الحياة فيصنع من الآلام آمال
ومن المحن منح ولا يتعجل قطف الثمار، فالماء المغلي واحد لكن النهايات اختلفت....
أتدري ما الحياة، إنها قصة جميلة تتشابك أحداثها كلما اتسعت العلاقة بين أبطالها وفي ذروة الأحداث يضع كل
واحد من أبطالها نفسه على طريق مستقل يمضي فيه بحثا عن غاية ينشدها وقبل أن تنتهي أحداثها يجتمع أبطالها
ليلقي كلٌ بما في جعبته ، ماذا حقق وماذا بقي ، ثم تنتهي أحداثها بفوز من أدرك غايته وخسارة من ضل سعيه
وخسرت تجارته
أتدري ما الحياة، إنها معني في آية من القرآن [اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ
فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ
شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الغُرُورِ] {الحديد:20}
ومعني في حديث نبوي « كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ » (البخاري)
لعلك الآن عرفت معنى الحياة
إنها هدف تنشده وعمل تنجزه ورسالة تحملها ومعنى تسعى لإدراكه
إنها حلم جميل وواقع بحاجة إلى المكابدة
إنها ماض ورث الخبرات وحاضر عايش الأحداث ومستقبل رسمت ملامحه الأهداف
إنها أمل يشق طريقه بين الصعاب
هكذا أرى الحياة وقد تتفق معي فيما كتبت وقد تأتي بمعنى غاب عني، فرجائي من كل مَن مرَّ برحالي
وقرأ ما خطته يداي أن يترك لي معنى الحياة عنده...